ثقافة الكوسبلاي

Costume) تعني الزي تعني اللاعب (Player)بمعنى آخر: المتلاعب بالأزياء، ويقال بأن سبب ظهور الكوسبلاي؛ يعود لهوس الأوتاكو بتقليد شخصيات الأنمي المفضلة لديه؛ بحيث يحاول تقليد عاداتها، وصفاتها، وملابسها، وشكلها؛ هكذا ظهر الكوسبلاي.

الحفلات التنكرية

في الحفلات التنكرية، يصنع المعجبون أزياءهم الخاصة المستوحاة من الشخصيات الخيالية، يحتوي علىٰ أربعة عناصر رئيسية: (سرد، وأسلوب معين من الملابس، وأداء أمام المتفرجين واللاعبين) ويفتح كل من هذه العناصر سردًا لتحليل نوع التنكرية، حتىٰ الآن؛ ركزت معظم الأبحاث بشكل أساسي علىٰ تحليل وتحديد الكوسبلاي؛ باعتباره مجرد شكل من أشكال الهروب من الواقع لمحبي الأنمي والمانغا في اليابان، وفي جميع أنحاء العالم.

الأداء المسرحي

لقد ربطوا التنكرية بالأداء المسرحي، يتم استخدام الجسم لعرض الروايات، إن انتحال شخصية خيالية؛ هو تصوير وعلاقة حميمة بين لاعب التمثيل وملابسه.(هودكينسون، 2002) يجب ألا يُنظر إلى كوسبلاي علىٰ أنه ممارسة تتعلق بالجسم والفستان فحسب، بل لها علاقة أكبر بالممارسة المتجسدة. اللباس والجسد والسلوك، كلها تصبح شبيهة بالشخصيات الخيالية التي يختارونها، ولكن بدلًا من ذلك؛ للتعبير عن أنفسهم بشكل فعال والهوية التي يولدونها في هذه العملية من خلال الزي. لكل من المظهر والسلوك تأثير متساوٍ علىٰ الهوية التي يولدها كوسبلاير، وبالتالي يحددان بدورهما الممارسة، ويؤثران بدورهما علىٰ الذات.

جذور الحفلات التنكرية

مسألة الحفلات التنكرية ليس لها جذور تاريخ محدد، أو مارسها شعب معين، ولكن كل الأدلة تُشير إلىٰ أن محافل الماسونية الأولىٰ التي كانت علىٰ درجة عالية من السرية؛ هي أول من استخدم الأقنعة لستر وجوه اعضائها؛ لأن الأعضاء في بداية الامر كانوا خليط من رجال الدين اليهود الطبقة العليا (السنهدريم)، ورجال السياسية والبلاط؛ ثم تحولت الممارسات التنكرية إلىٰ تقليد شعبي، عن طريق لبس وجوه وأزياء الآباء القديسين، وكذلك لبس أقنعة تمثل الشيطان، وأخرىٰ تمثل الملائكة، والقديسين، وعرض ذلك علىٰ مسارح؛

ثم انتقلت الظاهرة إلىٰ الشارع؛ حيث يتخذها الناس للتحلل من أي قيم وضوابط، وممارسة ما يحلو لهم تحت ستر الاقنعة، وهي مثل: (كذبة نيسان!) حيث يُحلل التقليد الشعبي الكذب في يوم معين؛

وهناك رواية تقول أن يوسف الصديق ألل من وضع قناعًا فرعونيًا مذهبًا علىٰ وجهه، وتنكر لإخوته؛ لكي يختبرهم، وقد جرت العادة منذ ذلك التاريخ أن من يُريد أن يقول شيئًا؛ يتنكر لكي يمتلك الجرأة علىٰ قول ما لم يستطع قوله.وهذا ما نراه جليًا واضحًا في نص توراتي يقول في سفر التكوين: “ولما نظر يوسف إخوته عرفهم؛ فتنكر لهم، وقال لهم: من أين جئتم؟”. وهذا ما أيده القرآن تقريبًا حينما قال: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} [يوسف: 58] وكان اليهود -كما أشرنا- كثيروا التنكر؛ لخداع الناس، أو لسرقة المعلومات منهم؛ كما نرىٰ في سفر صموئيل الأول: “فتنكر شاول، ولبس ثيابًا أخرىٰ.”

ولكن في المسيحية؛ فقد كانت الحفلات التنكرية الأولىٰ تجري في أعياد القديسين؛ حيث يرتدون ملابس القديسين، ويقومون بتمثيل ذلك علىٰ المسارح، ثم انتقلت إلىٰ القصور الفارهة للدوقات والبارونات في القرن الوسيط؛ حتىٰ أن الملوك، مثل: (شارل الأول، والأميرة كاترين، وغيرهم) كانوا علىٰ رأس المتنكرين، وكان جواسيس الملك يختفون خلف الأقنعة لمراقبة الحضور، والاستراق لهم وهم يتحدثون.

ثم حل القرن الثامن عشر؛ فاستعار الكاتب وعالم الرياضيات الإنجليزي (لويس كارول) مسألة التنكر، وألبس أبطال قصته كلهم أقنعة الحيوانات، والطيور، وغيرها؛

وهي قصة (أليس في بلاد العجائب) 1895 م. علمًا أن كاتب الرواية نفسه تنكر تحت اسم آخر؛ حيث أن اسمه الحقيقي هو: (تشارلز دودجسون)، ولكنه أطلق علىٰ نفسه (لويس كارول)؛ حيث كان الكاتب لا يرغب أن يعرفه أحد؛ لأنه كان متدينًا جدًا، ولا يريد أن يشتهر عنه أنه يكتب روايات للأطفال؛ ثم تحولت قصته إلىٰ أكبر الحفلات التنكرية التي تجري إلىٰ هذا اليوم.

لكن ثبت أيضًا أن استخدام الأقنعة في الاحتفالات التنكرية كان في أفريقيا، من قِبل مجموعات (الطواطم)؛ حيث يرتدون أقنعة؛ لطرد الشياطين أو جلب المطر، ولا تزال عملية التنكر في بعض احتفالات أفريقيا جارية إلىٰ هذا اليوم.

ولكن التقليد القديم في التنظيمات الماسونية، والتجمعات السرية الأخرىٰ- لا يزال ساريًا؛ حيث يرتدي الأقنعة الجميع؛ حتىٰ لا يعرف الأعضاء بعضهم البعض، وهم يستمدون شرعية ذلك من التوراة؛ حيث تقول أن يعقوب تنكر، وخدع أبيه، وسرق النبوة من أخيه إسماعيل؛ كما جاء في سفر التكوين.

حكم الشرعي في حفلات التنكرية

ينبغي للمؤمن أن يحفظ ماله ووقته فإنّه مسؤول عن ذلك يوم القيامة، كما روى الترمذي عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟.

الشيخ عبد الله بن جبرين

قال الشيخ عبد الله بن جبرين: هذه الحفلات التنكرية منكَرةٌ وبدعةٌ ودعايةٌ إلى اللهو والفساد، وفعل ما لا يجوز للصغار وللكبار من ارتداء الملابس الخاصة بهذه الحفلات التنكرية؛ فإنّ التشبّه بالمطربين والممثلين حرام، فمن تشبّه بقوم فهو منهم، ولا يجوز أيضًا التشبّه بالحيوان والطير لمجرد اللهو واللعب والضحك وإضاعة الوقت. وتغيير الوجه والجسم بالأصباغ الملونة، فإنه من تغيير خلق الله تعالى. فالاشتراك في هذه الحفلات حرام. وحضورها إضاعةٌ للوقت، والله أعلم

الحافظ الذهبي

قال الحافظ الذهبي في رسالته: “تشبّه الخسيس بأهل الخميس: فإنْ قال قائلٌ: إنما نفعل ذلك لأجل الأولاد الصغار والنساء؟ فيُقال له: أسوأ الناس حالًا من أرضى أهله وأولاده بما يُسخط الله عليه. ثم قال: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: “من صنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبّه بهم حتى يموت وهو كذلك، ولم يتب، حُشِرَ معهم يوم القيامة”. أخرجه البيهقي، وصحّح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا القول منه، يقتضي أنّ فعل ذلك من الكبائر، وفعل اليسير من ذلك يجرّ إلى الكثير.

فينبغي للمسلم أن يسدّ هذا الباب أصلًا ورأسًا، وينفّر أهله وأولاده من فعل الشيء من ذلك، فإنّ الخير عادة، وتجنّب البدع عبادة.
ولا يقول جاهل: أفرّح أطفالي!
أفما وجدتَ يا مسلم ما تفرحهم به إلا بما يُسخطُ الرحمن، ويُرضي الشيطان، وهو شعار الكفر والطغيان؟! فبئس المربي أنت.. ولكن هكذا تربّيت”

شيخ الإسلام ابن تيمية

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [إنّ الأعياد من جملة الشرائع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه وتعالى: {لكل أمةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه}. [الحج:67].
كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإنّ الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه: موافقة في بعض شُعب الكفر، بل الأعياد هي من أخصّ ما تتميّز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر. فالموافقة فيها موافقة من أخصّ شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أنّ الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “المشابهة في الظاهر تُورثُ مشابهة الأخلاق، وهذا ينبّه على النهي عن التشبه بالبهائم مطلقًا فيما هو من خصائصها وإن لم يكن مذمومًا بعينه؛ لأنّ ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه” من مجموع الفتاوىٰ.

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على هذه الأسئلة بما نصّه: “فصل: التشبّه بالبهائم في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه في أصواتها وأفعالها; ونحو ذلك مثل أن ينبح نبيح الكلاب، أو ينهق نهيق الحمير ونحو ذلك، وذلك لوجوه:أحدها: أنّا قرّرنا في اقتضاء الصراط المستقيم: نهي الشارع عن التشبّه بالآدميين الذين جنسهم ناقص ؛ كالتشبّه بالأعراب، وبالأعاجم، وبأهل الكتاب، ونحو ذلك؛ في أمور من خصائصهم؛ وبيّنا أنّ من أسباب ذلك؛ أنّ المشابهة تورثُ مشابهة الأخلاق، وذكرنا أنّ من أكثر عِشرة بعض الدواب؛ اكتسب من أخلاقها؛ كالكلابين والجمالين، وذكرنا ما في النصوص مِن ذَمِّ أهل الجفاء وقسوة القلوب أهل الإبل، ومِن مَدْح أهل الغنم؛ فكيف يكون التشبّه بنفس البهائم فيما هي مذمومة؟ بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه- النهي عن التشبّه بالبهائم مطلقًا فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذمومًا بعينه؛ لأنّ ذلك يدعو إلىٰ فعل ما هو مذموم بعينه؛ إذ من المعلوم أنّ كون الشخص أعرابيًّا أو عجميًا؛ خير من كونه كلبًا، أو حمارًا، أو خنزيرًا؛ فإذا وقع النهي عن التشبّه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه؛ لكون ذلك تشبّهًا فيما يستلزم النقص ويدعو إليه، فالتشبّه بالبهائم فيما هو من خصائصها- أولىْ أن يكون مذمومًا ومنهيًّا عنه.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد والإفتاء لهيئة كبار العلماء

في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد والإفتاء لهيئة كبار العلماء التي وقّع عليها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – بأنهم قالوا: لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم، ويُظهِر لهم الفرح والسرور بهذه المناسبة، ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية، لأنّ هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة، ولقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تشبّه بقومٍ فهو منهم”.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة