يوم عرفة: وقفة إيمانية عظيمة وفضائل لا تُحصى

يوم عرفة هو اليوم التاسِع من ذي الحجة، وأحد أعظم أيام السنة في الإسلام، وله مكانة خاصة وعظيمة في قلوب المسلمين حول العالَم. ففيهِ يقف حُجّاج بيت ﷲ الحرام على صعيد عرفات، مُجرَدين من كل زينة الدنيا، مُتضرعين إلى ﷲ تعالى، طالبين المغفرة والرحمة. وأهميته لا تقتصِر على الحجاج فقط؛ بل تمتد لتشمِل جميع المُسلمين، لما يحملهُ من فضائل جمّة وفُرص عظيمة للتقرُّب إلى ﷲ ﷻ.

كما أنهُ رُكن الحج الأعظم؛ فالحج عرفة. ومن فاته الوقوف بعرفة، فقد فاته الحج. وفيه يتجمّع ملايين المُسلمين من شتى بقاع الأرض في مكانٍ واحد، بلباسٍ أبيض موحّد، في مشهدٍ مهيب يعكس الوحدة والمساواة بين جميع البشر أمام الخالق. وهذا الوقوف الجماعي، الذي يجسّد ذروة المناسِك، ليس مُجرد تجمُّع جسدي فحسب؛ بل هو وقفة قلبية وروحية عميقة، حيث يترك الحُجّاج خلفهم كل مشاغِل الدنيا ومظاهرها، ويتفرّغون للدُعاء والتضرّع والتوبة.

وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، فقد شهد يوم عرفة حدثًا تاريخيًا عظيمًا، وهو نزول قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾، وقد نزلت هذه الآية علىٰ النبي ﷺ وهو واقفٌ بعرفاتٍ يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع؛ مما يؤكد ذلك عظمة هذا اليوم ومكانته في تاريخ الإسلام والمُسلمين، فهو يوم إتمام الرسالة وكمال الشريعة.

وفضائل هذا اليوم عظيمة، فهي لا تقتصرُ على الحجاج فقط؛ بل يستطيع غير الحجاج اغتنام هذا اليوم المُبارك بالعديد من الأعمال الصالِحة.

مما يغتنم به غير الحاج يوم عرفة

  1. صيام يوم عرفة: حيثُ يُعد صيام يوم عرفة لغير الحاج من أعظم القُربات، فلقد سُئل النبي ﷺ عن صوم يوم عرفة، فقال: “يُكفّر السنة الماضية والباقية”، وهذا فضل عظيم يدل على مغفرة ذنوب سنتين كاملتين!
  2. الإكثار من الدُعاء: يوم عرفة، هو يوم إجابة الدُعاء، كما قال في ذلك النبي ﷺ: “خير الدُعاء، دُعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير”، وعلى المُسلم أن يحرِص على الإلحاح في الدُعاء لنفسه ولأهله ولأُمّته في هذا اليوم العظيم.
  3. الذِكر والتكبير والتهليل: فالإكثار من الأذكار والتكبير والتهليل والتحميد والاستغفار في هذا اليوم يزيد من الأجر والثواب ويُقرّب العبد من ربّه.
  4. التوبة النصوح: فيوم عرفة، فرصة ذهبية لتجديد العهد مع ﷲ، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والعزم على عدم العودة إليها.

وهو يوم العتق من النار، حيث يعتق ﷲ فيه من عباده ما لا يعتق في أي يوم آخر. ويُباهي ﷲ ملائكته بأهل عرفات، ويُشهد عليهم أنه قد غفر لهم. وهذا يدل على مدى رحمة ﷲ وفضله وكرمه على عباده في هذا اليوم المُبارك.

في الختام، يوم عرفة، هو دعوة لنا جميعًا، حجّاجًا وغير حجّاج، للتوقف والتأمّل في حياتنا، وتجديد إيماننا، والتقرّب إلى ﷲ -سُبحانه وتعالى- بكل ما نستطيع من طاعات، فهو يوم المغفرة والرحمة والعتق من النار، فلنحرص على اغتنام كل لحظة من لحظاته المُباركة.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة