حياة العز: روح وريحان، إعياء وشفاء!

|

لا حياة بعد حياة الجهاد والمراغمة، كم أبعد من ظنها في متابعة الراحة بعد الراحة، والشافعيّ شمس الدنيا يقول: (وانصب فإنّ لذيذ العيش في النصب)، و قد جرّبنا برهة من دهرنا حياة الدعة ومتابعة بعض ماجريات الدنيا مما ظن بعض الأصحاب أنها منتهى السعادة؛ ففطرت قلوبنا وماتت عزائمنا واستوحشت أنفسنا منّا!

يا أخي المسلم وأختي المسلمة، يا ماء العين ونور الدرب، ليست حياة من يريد النجاة والعتق من النيران وإصلاح ما أفسده الناس من الدين هيّنة. فيها هجر للرقاد ومسامرة الأحباب، فيها تعب يعتري الجسد فلا يلقه للنوم إلا وهو في حالة من الإنهاك بعيدة؛ بل ويعلوها حسد الحاسدين وتربُّص الشامتين وكيد الكائدين.

ولكن؛ أشهد الله -وإن الشهادة فيه لجليلة- أن طيب الحياة بالمجاهدة، وأن جنة الرحمن بالمكاره محفوفة، وأن انشراح الصدر والأمان كل الأمان في أن تكون من جند الله؛ وإلا يا عبد الله أأنت ضامن غضبه! وشديد أخذه! واستبداله!

وإن سنة الاستبدلال عسيرة؛ فأولها نسيان الإنسان ربّه، فينسى نفسه وموقعه من الوجود ومهمته، يكفر قدرات الله المهيبة في أعماقه! فتكون العاقبة شديدة، ولو وقف يوم القيامة وقال {رب ارجعون لعلّي أعمل صالحًا}؛ فإن الله قد قال في كتابه {ولو ردُّوا لعادوا لما نهوا عنه و إنهم لكاذبون}.

كذبت! فإنك لو صدقت؛ سعيت في دار السّعي و الامتحان. كذبت! وتشتد الحسرة، وتطول الخيبة، و{يعضُّ الظالم على يديه}. كذبت! يوم تمنيت على الله الأماني، يوم قلت إيماني ومحبتي في قلبي! تسع الوجود نقاء من نقاء قلبي! وثم ماذا -يا مُغفّل-؟ خانتك أفعالك. أين إعدادك؟ {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له}.

كل إناء بما فيه ينضح؛ فإن نويت خيراً وسعيت؛ وُفقت {وأنّ سعيه سوف يُرى}. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل”.

قم قبل أن لا ينفع الندم، صدق قولك بفعلك قبل أن تتكلم فلا تصدق، وتصيح فلا تُسمع! ولا تجتزأ كلامي وتظنه يا -واسع الفهم- بأنك ستخلد في نار جهنم على تقصيرك، ونسيان جراح أمتك؛ فإن عقيدة أهل السنة بأن المسلم لا يخلد في النار فضلاً من الله ورحمة، فإن “لا إله إلا الله ” تنجي، تنجيك من ذنوبك أفلا تستح وتسعَ في عزها كما ستعزك يوم لا ينفع مالٌ و لا بنون؟

وضع نصب عينك أن الله يحب المسلم القوي، لا يرضى له بالدون، ولا ما هو دون معالي الأمور، فوالله الذي الذي لا إله غيره لأن تلقى الله وهو عنك راض، حققت التوحيد وكفرت بالطاغوت وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، أفنيت نفسك في رضى ربك؛ خير لك و أبقى، فإن لحظة غضب ولحظة عذاب؛ لن تقوى عليها ولن تطيقها!

وإني ناصحك ومبلغ لك في النصيحة شفقة عليك، سأبغلك أثراً من آثار من عرف الحياة الحقة، والسعادة الحقيقة فلزمها على ما فيها من تعب، سأخبرك وإنه لحقّ، ولن تبلغ في التصديق مبلغاً حتى تعايشه وتكابده؛ فإن روح المعاني بأن تحياها، وإليك ما أنقله عن بعضهم من وصفه لهذا الدرب النّقيّ:

“الجهاد كم تاه في حبه العلماء! وبكت دونه نساء! وأسر فيه رجال.. وارتقى بمعمعته أبطال..، يطارد معشوقيه في نومهم، ويمنع عنهم طيبات دنياهم، حتى يخلصوا له القصد فيصطفيهم الله للعمل في دينه، فيصطفيهم شهداء في أمته على إخلاص العمل، وعلى دينه بالعز وصدق الحب، وعلى أنفسهم برضى وجنات، فبداية المسير “لا إله إلا الله” وختامها اللون لون الدم والريح ريح المسك! و كل ذا في مسرح الدنيا، وفي عالم الآخرة من حكايا الاجتباء، والأمن والسداد، ما يفطر القلوب وهي تدعو يا رب اجعلني منهم، وأنت نعم أنت في موضع يسمع منك لو دعوت فانطرح بين يدي الله وتضرع واصدق حر قولك بفعلك! سُتسمع إي ورب العزة لو دعوت وصدقت، أنت اليوم في دار العمل فاعمل، الدار دارك فاقتحم، إن الجنان حببت في أعين و زينت، وربك الله اصطفاك؛ خليفة في كونه وأرضه وقد علاك، لا تخلدنّ للخنى فالخلد آت يومه، نار تلظى أو جنان، في وصفها الصدق أتى. واعمل بكل ما أوتيت حتى تكون أولا من داخليها آمنا، ولم تذق في قبلها؛ سموم نار أشعلت، دهرا طويلا تنظر؛ ليومها الذي خلق”.

عرفت؛ فالزم.

فيا الله مُنّ علينا، ولا تعذبنا بذنوبنا، ولا تحرمنا من هذا الدرب الشريف الجليل، برئنا إليك من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة