استجابة أذهلتني

استجابة أذهلتني خواطر سائرة إلى الله

دق جرس المدرسة منبئاً عن نهاية الدوام الدراسي لذلك اليوم، وخرج التلاميذ يتزاحمون في الساحات والطرقات والسعادة تملأ وجوههم، بعد يوم كامل من الجد والاجتهاد.

أذكر يومها أن قلبي أَلَمَّ به شيء ينغصّ عليه سعادته، ويحول بينه وبين ما هَمَّ به الزملاء من لهو ومرح. كان حنيناً لا يطاق لأختي الكبرى المتزوجة بمنطقة أخرى؛ فقد مضى وقت طويل لم أَرَهَا فيه، وتمنيت لو أحظى بوصالها وأنعم برؤيتها؛ فينطفئ الشوق والحنين الذي بداخلي.
ثم ما لبثتُ أن خطر على بالي خاطر: أليس الله ربي وربها؟ أليس قادراً على أن يجمعني بها وهو الذي يقول للشيء كن فيكون؟ سأدعوه وأستجير به وأطلب منه حاجتي وهو أعلم بها ولا يخفى عليه شيء من حالي.

كنت أمشي وأشق طريقي مع زملائي، فهذا يلهو مع صديقه، وذاك يجري وينط هنا وهناك، وتلك تمازح وتضحك، والعالم كله في واد وأنا في واد آخر. جسدي معهم؛ لكن روحي انشغلت بالدعاء والتضرع لله، بأن أرى أختي قد حَلَّتْ ببيتنا زائرة.
ولا زال ذلك دعائي وتضرعي إلى ربي وكُلِّي يقين أنَّ الكريم لا يخيبني، وأنَّ الرحيم لا يليق به أن يترك قلب هذه الطفلة الصغيرة مكسوراً، وقد رأى ما فيه من الشوق وألم الحنين.

وصلت إلى بيتنا، وما إن دخلت حتى اهتز قلبي لأسرع دعوة يستجاب لها منذ أن وعيت إلى يومنا هذا، لقد كانت أختي بالبيت وجاءتنا زائرة على حين غرّة! ولكَم كانت سعادتي بالغة بهذا اللقاء المفاجئ، ولكنها لم تكن كسعادتي واحتفائي بهذه الاستجابة السريعة من ربي الكريم المنان.

كانت استجابة علمتني استشعار معية الله، وأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة من عباده، بل ويعلم آلامهم وآمالهم، وما تكتمه أرواحهم وتضجّ به قلوبهم. وما على العباد إلا أن يرفعوا أكف الضراعة داعين وراجين؛ فيُنزِل عليهم الرحمات ويُفيض عليهم من رزقه، وخزائن رحمته ملأى لا تنضب أبدا.

فيا عجبا لمن غفل عن مولاه، فكانت تلك الغفلة بلواه. عجباً للطالبين كيف ينطرحون على أبواب الخلق رغبة واستزادة من تأييد ومعونة، بينما ينسون الخالق وهو رب الخلق، والملوك له خاضعة، والخزائن كلها بين يديه، والمطالب كلها لا تقوم لها قائمة إلا بإذنه وتحت عينه وعلمه.

عليك يا ذا الجلال معتمـــــــــــــدي
طوبى لمن كنتَ أنتَ مـــــــــــــــــــولاه
طوبى لمن بات خائفا وجــــــــــــــلا
يشكو إلى ذي الجلال بلــــــــــــــواه
وما به علة ولا سقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
أكثر من حبّه لمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــولاه
إذا خلا في ظلام الليل مبتهلا
أجابه الله ثم لبّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه
ومن ينل ذا من الإله فقـــــــــــــــــــد
فاز بقرب تقر عينـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه

كانت استجابة علمتني استشعار معية الله، وأنه يعلم كل صغيرة وكبيرة من عباده، بل ويعلم آلامهم وآمالهم، وما تكتمه أرواحهم وتضجّ به قلوبهم.

النشرة البريدية الأسبوعية (قريبا)

ستتصمن نشرتنا نصائح طبية وجمالية وتربوية وبعض الوصفات للمطبخ

نشرة البريد

مقالات مشابهة